في تحول مفاجئ ومخيف، بدأ نهر النيل في السودان يكشف جانبًا أكثر قسوة، حيث أصبحت الثعابين العملاقة جزءًا من المنظر اليومي في المياه، مما أثار موجة من الرعب والدهشة.
هل نحن أمام سلسلة من الظواهر الطبيعية التي قد تشكل تهديدا لحياتنا؟ أم هل هذه الثعابين مجرد زوار عابرين جاؤوا في ظل فوضى بيئية؟
صيد غير مسبوق .. مخلوقات ضخمة في مياه النيل
في ولاية نهر النيل، اكتشف أحد الصيادين مفاجأة غير متوقعة، حيث تم اصطياد أفعى ضخمة بطول 22 متر في جزيرة نقزو بالقرب من الشلال السادس لنهر النيل. ولم يكن الامر محدودا في الحجم الضخم للأفعى ولكن اكتشف الصياد إمكانية اصطياد سبعة ثعابين عملاقة في أسبوع واحد، خمسة منها في شبكة واحدة. هذه الاحداث الغريبة تثير التساؤلات حول ظاهرة جديدة قد تكون بداية لحدث بيئي غير مسبوق. الصياد يقول:”كانت الشباك مليئة بطريقة غير متوقعة، كأن الحركة فيها كانت كابوس يتكرر يوميا”. ورغم بساطة الكلمات، إلا أنها تحمل تحذيرات حول ما قد ينجم عن هذا المشهد المرعب.
ما الذي يفسر هذا الانتشار غير الطبيعي؟
أثارت الحوادث التي وقعت الكثير من التساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الثعابين العملاقة في نهر النيل. تواصلت “العربية.نت” مع الدكتورة سارة سعيد، مديرة متحف التاريخ الطبيعي في السودان، التي قدمت تفسيرات علمية لهذه الظاهرة.
البيئة في حالة تحوّل خطير
أكدت الدكتورة سارة أن الثعابين الموجودة حالياً تنتمي لنوع “الأصلة الأفريقية”، وهي موجودة بشكل طبيعي في البيئة السودانية، لكنها أشارت إلى أن التغيرات البيئية الأخيرة نتيجة الحروب والنزوح والتوسع العمراني قد أدت إلى نزوح هذه الكائنات من موطنها الأصلي.
وأوضحت أنها لا تشكل خطرًا بيئيًا مباشرًا، ولكن الظروف المحيطة بها يمكن أن تزيد من تعاملها مع الإنسان. وأضافت أن الأنشطة البشرية مثل التوسع العمراني والصيد الجائر تؤدي إلى تدمير البيئة الطبيعية، مما يجعل من السهل على هذه الثعابين دخول المناطق المأهولة.
هل هي ضيف دخيل؟
وقالت الدكتورة سارة إن هذه الثعابين ليست زوارًا من أماكن بعيدة، بل هي جزء من النظام البيئي المحلي: “تُعتبر هذه الثعابين جزءًا من بيئتها الأصلية، والإنسان هو الذي اقتحم مواطنها، مما زاد من المواجهات بينها وبين البشر”.
الفيضان.. الناقل الكبير
بالنسبة لعلاقتها بموسم الفيضانات، أوضحت الدكتورة سارة أن هذه الأفاعي تهاجر بحثًا عن مناطق جافة بعد تغير بيئتها بسبب الفيضانات. وأوضحت أن الأفاعي العملاقة ليست سامة في حد ذاتها، لكنها يمكن أن تكون قاتلة في حال تعرض الإنسان لهجوم مفاجئ، وقد يسبب عضها دخول بكتيريا ضارة، ويمكن أن يسبب لفها حول العنق كسورًا مميتة. وعلى الرغم من عدم سميتها، فإن طبيعتها البرية المتوحشة تجعلها تشكل تهديدًا حقيقيًا.
ماذا عن ابتلاع الأطفال؟
حذرت الدكتورة سارة من خطر تلك الثعابين على استطاعتها ابتلاع الأطفال أو الحيوانات الصغيرة مثل الأغنام، مشيرة إلى أنها قادرة على ابتلاع كائنات بحجم كبير، لذا يجب الحذر والوعي التام بمخاطرها.
أصلة بطول 22 مترًا.. رقم قياسي يتطلب دراسة علمية
ذكرت الدكتورة سارة سعيد في مقابلة لموقع “العربية نت” قبل يومين، أن الصياد الذي ينتمي إلى جزيرة نقزو زعم أنه اصطاد أصلة عملاقة تبلغ طولها 22 مترًا، وقد قام بإرسال صور تثبت الحادثة، حيث يعتبر متخصصًا في جمع الأصلات. وعلى الرغم من أن هذا الحجم غير مألوف، حيث تتراوح أطوال الأصلات التي يتم تسجيلها عادة بين 5 إلى 6 أمتار وفي حالات نادرة تصل إلى 8 أمتار، إلا أن طول 22 مترًا يبدو مستغربًا. ومع ذلك، فإنني لا أستبعد صحة قصة الصياد، إذ يعتبر موثوقًا في مجاله. ويتطلب التحقق من صحة هذا الرقم دراسة علمية دقيقة، وإذا تبينت صحته، فسيكون رقمًا قياسيًا يتطلب دراسة علمية مفصلة.
هل هناك صلة بين الأصلة والأناكوندا؟
بخصوص التشابه مع الأناكوندا الشهيرة في غابات الأمازون، نفت الدكتورة سارة أي صلة بين الأصلة والأناكوندا، وأكدت أن الأناكوندا تنتمي إلى فصيلة “البوا”، في حين أن الأصلة تنتمي إلى فصيلة “البايثون”، لذا فإنهما نوعان مختلفان تماماً لا يتشابهان في التركيب أو السلوك.
التحذير البيئي
أثناء تعرض السودان لفترات من الرعب بسبب انتشار الثعابين العملاقة في نهر النيل، تظل الإجابة الوحيدة عن أسباب هذه الظاهرة هي التغيرات البيئية الحادة التي يشهدها البلد. يجب أن تكون هذه الحالة إشارة مهمة للتوعية بالتداعيات البيئية للتوسع العمراني والحروب، والعمل على حماية الحياة البرية التي تمثل جزءا من تراثنا الطبيعي.
مدونة سودانية - أخبار السودان - نهر النيل - فيضانات - طقس السودان