بدأ القائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، جولة في دول غرب أفريقيا، انطلاقاً من مالي.يعتقد المحللون أن البرهان يحمل معه عدة أوراق “لترهيب هذه الحكومات من خطورة امتداد الحرب إلى بلدانهم”، ويعمل على إقناعهم بأن إقامة تحالفات أمنية بين الخرطوم ودول مجموعة الساحل سيساهم في منع انتشار التوترات.
يأتي التعاون العسكري في مقدمة جدول أعمال زيارة البرهان إلى غرب أفريقيا، حيث زار مالي يومي السبت والأحد وتلتها غينيا بيساو، موريتانيا، السنغال، وسيراليون. تأتي هذه الزيارة في ظل الفوضى والعزلة الدولية التي يتعرض لها السودان بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023.
أدعى الرئيس الانتقالي المالي، عاصيمي غويتا، خلال المحادثات مع رئيس مجلس السيادة السوداني في باماكو، أن هناك “أعداء يسعون للنيل من أمن واستقرار السودان بسبب ثرواته الكبيرة”. وأشار الجنرال المالي إلى وجود “تهديدات إرهابية تهدد أمن واستقرار البلاد”، محثًا على “ضرورة توحيد الجهود لمحاربة هذه المجموعات المتمردة”.
تجدر الإشارة إلى أن مالي شهدت انقلابين عسكريين في 2020 و2021، مما أدى إلى تولي غويتا رئاسة المرحلة الانتقالية.
في هذا السياق، تؤكد مصادر مالية موثوقة لـ”إرم نيوز” أن البرهان حاول إقناع غويتا، الذي يتولى السلطة من خلال الانقلاب، بتبني سياسة التحالف الأمني مع مجموعة الساحل الناشئة حديثًا، والتي تضم النيجر وبوركينا فاسو ومالي، محذرًا من احتمال تمدد المخاطر بعيدًا عن حدود السودان.
تشير المصادر أيضًا إلى مناقشة ملف فصائل الجيش السوداني الشعبي، الذي أسسه البرهان ككيان موازٍ في حربه، من خلال اقتراح نشرها في غرب أفريقيا.
كما أوضحت أن هذه الفصائل ساهمت في تدريب عناصر بعض الفصائل المسلحة في العديد من دول القارة، بدعوى مواجهة خصومها بالسودان في العمق الأفريقي.
وفي ظل عدم وضوح مواضيع النقاش، يقول المحلل السياسي النيجري أمادو كوديو لـ”إرم نيوز” إن التعاون الأمني والعسكري يعد مسألة حاسمة تتعلق بمستقبل مالي والسودان، وكذلك منطقة الساحل بشكل أوسع.
ويضيف كوديو: “تشكل التحالفات المعقدة جوهر العلاقات مع القوى الأجنبية منذ الانقلابات العسكرية، إذ اقتربت باماكو، مثل الخرطوم، من موسكو مما أثار استياء الغرب في تحول جيوسياسي له عواقب على الاستقرار”.
من خلال الانفتاح على روسيا، تسعى السلطات الانتقالية في مالي والسودان للحصول على دعم جديد لمواجهة الضغوط الغربية، لكن هذا التحرك يعد محفوفًا بالمخاطر، خاصة أن الخرطوم تجاوزت الحدود في استفزاز الدول الأجنبية بإقامة علاقات وثيقة مع موسكو والمساعدة في تنفيذ استراتيجياتها في أفريقيا.
يعتقد المحلل الأفريقي أنه في هذا السياق الجيوسياسي المتغير، قد تشير زيارة الجنرال البرهان إلى تشكيل محور بين القادة العسكريين في مالي وغينيا بيساو والسودان، مما يثير القلق في بعض العواصم الغربية التي تخشى على مصالحها.
بعيدًا عن الاعتبارات الجيواستراتيجية، فإن تأثير هذه التحالفات العسكرية والسياسية على الحياة اليومية للماليين والسودانيين يعتبر نقطة غائبة عن الأولويات، حيث يطمح السكان أولاً إلى الحصول على الأمن وتحسين ظروفهم المعيشية المتدهورة بسبب سنوات من الأزمات.
تظهر المجالس العسكرية تركيزًا على البقاء في السلطة في باماكو كما هو الحال في الخرطوم، مما يجعل الانتقال إلى السلطة المدنية يبدو بعيدًا كل يوم، مما يؤدي إلى زيادة التوترات الداخلية.
مدونة سودانية - ارم نيوز - عبد الفتاح البرهان